الزراعة في لبنان: هل من ترقُب جدّي للمستقبل؟    

agriculture lebanon

تعتبر الزراعة واحدة من الركائز الأساسية للاقتصاد اللبناني. فهي تساهم في تلبية حاجات السكان والحفاظ على أمنهم الغذائي، كما تلعب دورًا في تحقيق اكتفائهم الذاتي، الهدف الأساس الذي يعمل على تحقيقه قادة الدول المتقدمة في العالم. وعلى الرغم من أهميتها الاستراتيجية وحيويتها، لا تزال الزراعة في لبنان أقرب إلى البدائية منها إلى التحضّر، إذ تقتصر المبادرات على بعض المشاريع الصغيرة.  

الأرقام تلخّص واقع القطاع 

من حيث الأهمية، يحتل القطاع الزراعي المرتبة الثالثة بعد قطاعَي الخدمات والصناعة. وقد بلغت نسبة مساهمته من الناتج المحلي الإجمالي قبل الأزمة اللبنانية 4 بالمئة. وخلال تلك الفترة أيضاً، استطاع هذا القطاع تأمين الدخل لأكثر من 250 ألف أسرة أي ما يعادل 15 بالمئة من سكان لبنان. 

 
نظراً للمناخ المعتدل والتربة الخصبة، تنتشر الزراعة في كل أنحاء البلاد. وهي ترتكز على الفواكه والخضار، الزيتون، التبغ، الحبوب، القمح والشعير. وفي السياق، لا بد من الإشارة إلى الثروة الحيوانية التي تضم الماعز، الخراف، الدواجن والنحل، والتي تندرج ضمن مهام مديرية الثروة الحيوانية في وزارة الزراعة.


عام 2021، وصل حجم الإنتاج الزراعي والحيواني إلى حوالي 1.5 مليار دولار. فيما بلغ المعدل الوسطي للصادرات السنوية 700 مليون دولار. أما قيمة الواردات الزراعية فلامست 3.5 مليار دولار كمعدل وسطي.

إلا أن لبنان، لا يتمتع في الواقع بالقدرة على تلبية طلب أسواق السلع الزراعية الأساسية. فنسبة تلبية الزراعة المحلية لطلب هذه الأسواق لا تتعدى 20 بالمئة فقط، فيما تتراوح نسبة الاستيراد ما بين 85 بالمئة و90 بالمئة.

تحديات حقيقية يواجهها هذا القطاع 

عوامل كثيرة أرخت بظلالها على الزراعة، أبرزها عدم وجود استراتيجية شاملة وحديثة لإدارة القطاع من قبل الدولة. 

كذلك تلاقي الزراعة حذفها أمام الزحف العمراني العشوائي الناتج عن انعدام التنظيم من قبل الجهات المختصة. إذ يشهد القطاع اليوم على انخفاض نسبة الأراضي المخصصة للزراعة.  ما ينعكس بشكل مباشر على القدرة التنافسية للإنتاج المحلي الزراعي، والتي انخفضت مع ارتفاع كلفة الإنتاج مقارنةً بالدول المجاورة.

 في سياق متصل، يواجه القطاع مشكلة حقيقية لناحية الإدارة الرشيدة للموارد المائية. ونتيجة سوء هذه الإدارة، خسر لبنان كميات هائلة من مياهه في معظم الأنهار التي تصب في البحر المتوسط، ويترافق ذلك مع انعدام الرؤيا للحد من هذا الهدر. 

 
وتزامناً مع عصر الرقمنة، لا يزال المزارعون اللبنانيون يعتمدون على أساليب زراعية تقليدية تفتقر لأي تكنولوجيا حديثة، كل ذلك يترافق مع غياب التوجيه أو أي مساع جدية لإدخال التكنولوجيا إلى هذا القطاع.  

يضاف إلى ذلك، صعوبات أخرى مثل ضعف الإرشاد الزراعي، قلة مراكز الأبحاث الزراعية، غياب سياسات التشجيع على التصدير والضعف في التسويق، ارتفاع أعمار القوى العاملة اللبنانية في هذا المجال، ضعف التمويل وغياب التعاونيات. 

هل قُضي الأمر؟ 

رغم العشوائية التي تشوب الزراعة في لبنان، إلا أن إعادة هيكلة القطاع وتنظيمه في إطار مستدام ليس بالأمر المستحيل. فالحلول كثيرة وهي تنطلق من الحد من تفتيت الأراضي الزراعية إلى أحجام دون الحد الأدنى، وصولاً إلى ضم الحيازات الزراعية الصغيرة إلى بعضها البعض، تقديم التسهيلات اللازمة لانخراط الشباب من جديد في العمل الزراعي، تطوير مراكز البحوث والإنماء الزراعي، كما العمل على نظام مكننة حديث لتطوير عمل المزارعين وفقاً للاقتصاد الرقمي. 

باختصار، لا نهوض للقطاع الزراعي في لبنان إلا بخطة متكاملة تعتمد على ركيزتين أساسيتين: الأولى تتمثل بخلق وعي جماعي لأهمية هذا القطاع، والثانية تكمن في تطبيق خطة زراعية طويلة الأمد ومستدامة قادرة على تلبية حاجات المجتمع.

الزراعة في لبنان: هل من ترقُب جدّي للمستقبل؟    

تعتبر الزراعة واحدة من الركائز الأساسية للاقتصاد اللبناني. فهي تساهم في تلبية حاجات السكان والحفاظ على أمنهم الغذائي، كما تلعب دورًا في تحقيق اكتفائهم الذاتي، الهدف الأساس الذي يعمل على تحقيقه قادة الدول المتقدمة في العالم. وعلى الرغم من أهميتها الاستراتيجية وحيويتها، لا تزال الزراعة في لبنان أقرب إلى البدائية منها إلى التحضّر، إذ تقتصر المبادرات على بعض المشاريع الصغيرة.  

الأرقام تلخّص واقع القطاع 

من حيث الأهمية، يحتل القطاع الزراعي المرتبة الثالثة بعد قطاعَي الخدمات والصناعة. وقد بلغت نسبة مساهمته من الناتج المحلي الإجمالي قبل الأزمة اللبنانية 4 بالمئة. وخلال تلك الفترة أيضاً، استطاع هذا القطاع تأمين الدخل لأكثر من 250 ألف أسرة أي ما يعادل 15 بالمئة من سكان لبنان. 

 
نظراً للمناخ المعتدل والتربة الخصبة، تنتشر الزراعة في كل أنحاء البلاد. وهي ترتكز على الفواكه والخضار، الزيتون، التبغ، الحبوب، القمح والشعير. وفي السياق، لا بد من الإشارة إلى الثروة الحيوانية التي تضم الماعز، الخراف، الدواجن والنحل، والتي تندرج ضمن مهام مديرية الثروة الحيوانية في وزارة الزراعة.


عام 2021، وصل حجم الإنتاج الزراعي والحيواني إلى حوالي 1.5 مليار دولار. فيما بلغ المعدل الوسطي للصادرات السنوية 700 مليون دولار. أما قيمة الواردات الزراعية فلامست 3.5 مليار دولار كمعدل وسطي.

إلا أن لبنان، لا يتمتع في الواقع بالقدرة على تلبية طلب أسواق السلع الزراعية الأساسية. فنسبة تلبية الزراعة المحلية لطلب هذه الأسواق لا تتعدى 20 بالمئة فقط، فيما تتراوح نسبة الاستيراد ما بين 85 بالمئة و90 بالمئة.

تحديات حقيقية يواجهها هذا القطاع 

عوامل كثيرة أرخت بظلالها على الزراعة، أبرزها عدم وجود استراتيجية شاملة وحديثة لإدارة القطاع من قبل الدولة. 

كذلك تلاقي الزراعة حذفها أمام الزحف العمراني العشوائي الناتج عن انعدام التنظيم من قبل الجهات المختصة. إذ يشهد القطاع اليوم على انخفاض نسبة الأراضي المخصصة للزراعة.  ما ينعكس بشكل مباشر على القدرة التنافسية للإنتاج المحلي الزراعي، والتي انخفضت مع ارتفاع كلفة الإنتاج مقارنةً بالدول المجاورة.

 في سياق متصل، يواجه القطاع مشكلة حقيقية لناحية الإدارة الرشيدة للموارد المائية. ونتيجة سوء هذه الإدارة، خسر لبنان كميات هائلة من مياهه في معظم الأنهار التي تصب في البحر المتوسط، ويترافق ذلك مع انعدام الرؤيا للحد من هذا الهدر. 

 
وتزامناً مع عصر الرقمنة، لا يزال المزارعون اللبنانيون يعتمدون على أساليب زراعية تقليدية تفتقر لأي تكنولوجيا حديثة، كل ذلك يترافق مع غياب التوجيه أو أي مساع جدية لإدخال التكنولوجيا إلى هذا القطاع.  

يضاف إلى ذلك، صعوبات أخرى مثل ضعف الإرشاد الزراعي، قلة مراكز الأبحاث الزراعية، غياب سياسات التشجيع على التصدير والضعف في التسويق، ارتفاع أعمار القوى العاملة اللبنانية في هذا المجال، ضعف التمويل وغياب التعاونيات. 

هل قُضي الأمر؟ 

رغم العشوائية التي تشوب الزراعة في لبنان، إلا أن إعادة هيكلة القطاع وتنظيمه في إطار مستدام ليس بالأمر المستحيل. فالحلول كثيرة وهي تنطلق من الحد من تفتيت الأراضي الزراعية إلى أحجام دون الحد الأدنى، وصولاً إلى ضم الحيازات الزراعية الصغيرة إلى بعضها البعض، تقديم التسهيلات اللازمة لانخراط الشباب من جديد في العمل الزراعي، تطوير مراكز البحوث والإنماء الزراعي، كما العمل على نظام مكننة حديث لتطوير عمل المزارعين وفقاً للاقتصاد الرقمي. 

باختصار، لا نهوض للقطاع الزراعي في لبنان إلا بخطة متكاملة تعتمد على ركيزتين أساسيتين: الأولى تتمثل بخلق وعي جماعي لأهمية هذا القطاع، والثانية تكمن في تطبيق خطة زراعية طويلة الأمد ومستدامة قادرة على تلبية حاجات المجتمع.

Agriculture In Lebanon: Is There A Serious Outlook For The Future?

Agriculture is considered one of the fundamental pillars of the Lebanese economy. It contributes to meeting the needs of the population and ensuring their food security. It also plays a role in achieving self-sufficiency, which is the primary goal pursued by leaders of advanced nations around the world. Despite its strategic importance and vitality, agriculture in Lebanon remains closer to primitiveness than sophistication, with initiatives mostly limited to small projects.

Some Figures Summarizing the Sector’s Reality

In terms of importance, the agricultural sector ranks third after the services and industrial sectors. Its contribution to the Gross Domestic Product (GDP) was 4 percent before the Lebanese crisis. During that period, this sector managed to provide income for over 250,000 households, equivalent to 15 percent of Lebanon’s population.

Due to the moderate climate and fertile soil, agriculture is widespread throughout the country. It relies on fruits, vegetables, olives, tobacco, grains, wheat, and barley. Additionally, the livestock wealth, including goats, sheep, poultry, and bees, falls under the responsibilities of the Directorate of Animal Resources in the Ministry of Agriculture.

In 2021, agricultural and animal production reached approximately $1.5 billion, with an average annual export rate of $700 million. However, Lebanon does not have the capacity to meet the demand for essential agricultural commodities. Local agricultural production only satisfies around 20 percent of this demand, while imports account for 85 to 90 percent.

This sector faces real challenges. Many factors have cast a shadow on agriculture, most notably the lack of a comprehensive and modern strategy for sector management by the state. Furthermore, agriculture is confronted with encroachment due to unregulated urban sprawl by relevant authorities. Currently, the sector witnesses a decrease in the percentage of land allocated for agriculture, which directly impacts the competitiveness of local agricultural production. Production costs have increased compared to neighboring countries.

In a related context, the sector faces a genuine problem regarding efficient water resource management. Due to mismanagement, Lebanon loses significant amounts of its water in most rivers that flow into the Mediterranean Sea, and there is a lack of vision to mitigate this waste.

In the era of digitalization, Lebanese farmers still rely on traditional farming methods without modern technology, accompanied by a lack of guidance or serious efforts to introduce technology into the sector.

Additionally, other difficulties include weak agricultural guidance, a shortage of agricultural research centers, the absence of policies that encourage exports and marketing, an aging workforce in the agricultural field, insufficient funding, and the absence of cooperatives.

Is It A Lost Cause?

Despite the randomness plaguing agriculture in Lebanon, restructuring and organizing the sector within a sustainable framework are not impossible tasks. Solutions are numerous, ranging from reducing the fragmentation of agricultural lands to minimum sizes, integrating small agricultural holdings, providing the necessary facilities to engage young people in agricultural work, developing research and agricultural development centers, and implementing a modern mechanization system to enhance farmers’ work in line with the digital economy.

In summary, there can be no revival of the agricultural sector in Lebanon without an integrated plan based on two fundamental pillars: first, creating collective awareness of the sector’s importance, and second, implementing a long-term and sustainable agricultural plan capable of meeting societal needs.

By namalb